إقتصادسلايدر

توترات باب المندب تضع مصر تحت ضغط اقتصادي شديد

استمع

أحمد مصطفى

مقدمة

تواجه مصر، وهي لاعب رئيسي في الشرق الأوسط، ضغوطا اقتصادية شديدة بسبب التوترات المستمرة بالقرب من مضيق باب المندب. ويعد المضيق، الواقع بين جيبوتي واليمن، ممرا مائيا حيويا لشحن البضائع والموارد. ومع ذلك، فقد أدت الصراعات الأخيرة إلى تعطيل حركة الملاحة البحرية، مما وضع الاقتصاد المصري وقناة السويس كأحد مصادر الدولار الرئيسية في مصر تحت الضغط. أثرت الاضطرابات على التجارة والتبادل التجاري في مصر، مما أدى إلى تأخير الشحن وانخفاض التجارة والإيرادات. ويعد المضيق أيضًا طريقًا حيويًا لواردات مصر من النفط، والتي تأتي بشكل رئيسي من منطقة الخليج العربي. ومع تصاعد التوترات، أصبح أمن الطريق غير مؤكد على نحو متزايد، مما يزيد من تكاليف التأمين ويجعل استمرار الاعتماد عليه أكثر تكلفة بالنسبة لمصر.

كما أثرت التوترات على صناعة السياحة في مصر، مما يعرض ساحل البحر الأحمر للخطر بسبب المخاوف الأمنية. وقد أدى ذلك إلى انخفاض السياحة وفرص العمل والنمو الاقتصادي العام. كما أثر انخفاض قيمة عملة البلاد واحتياطيات النقد الأجنبي بشكل غير مباشر على الاقتصاد، مما جعل من الصعب على الحكومة تمويل الواردات ومشاريع البنية التحتية والخدمات الأساسية. وأدى ذلك إلى التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة للمواطنين المصريين، مما يصعب عليهم تغطية نفقاتهم.

الصراع بالقرب من باب المندب يؤثر سلباً على التجارة والاقتصاد العالميين

وقد أثر الصراع الحالي بين الولايات المتحدة واليمن بسبب الحرب على غزة، وخاصة في المنطقة القريبة من باب المندب، بشكل كبير على التجارة والاقتصاد العالميين. ويعد باب المندب ممرا مائيا حيويا يربط البحر الأحمر بخليج عدن، كما يعد من أكبر البوابات الحيوية للتجارة والشحن الدولي نظرا لوجود قناة السويس فوق البحر الأحمر. وقد تسبب الصراع في اضطرابات كبيرة في التجارة الدولية، مما أدى إلى تأخيرات، وزيادة التكاليف، وحتى التخلي عن بعض طرق التجارة. أدى الصراع على النفوذ بين الولايات المتحدة واليمن إلى زيادة التوترات والتهديدات للتجارة والشحن، مما دفع شركات الشحن إلى تحويل مساراتها، مما أدى إلى رحلات أطول وأكثر تكلفة. كما يزيد الصراع من مخاطر القرصنة والهجمات على السفن، مما يتسبب في انخفاض عدد السفن والبضائع التي تمر عبر المنطقة، مما يضر بسلسلة التوريد والتجارة العالمية والإيرادات المصرية من قناة السويس على وجه الخصوص. كما أثر الصراع سلباً على اقتصاد مصر، بسبب عزوف شركات النقل الكبرى عن المرور عبر قناة السويس والحصول على خدماتها باعتبارها أفضل وأقصر ممر مائي يربط التجارة بين الشرق والغرب. كما أثر الصراع على سوق النفط العالمية، حيث يمكن أن تؤدي الاضطرابات في منطقة باب المندب إلى ارتفاع أسعار النفط. وأدى الصراع إلى تفاقم المخاوف بشأن أمن إمدادات النفط، مما أثر على مختلف الصناعات والإنفاق الاستهلاكي.

آراء خبراء اقتصاديين مصريين في قضية العجز الاقتصادي بسبب باب المندب وقناة السويس

ويقول الخبراء المصريون، الذين طلبوا بأدب الكشف عن أسمائهم، إن المستشارين الاقتصاديين للنظام المصري ساهموا في فخ الديون المصرية منذ عام 2016. ويعتقدون أن غالبية المستشارين يحملون جوازات سفر غربية ويعطون الأولوية للمصالح الشخصية على الخصوصية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية. من المجتمع المصري . وأدى سوء إدارة تعويم الجنيه المصري مقابل الدولار إلى التضخم وارتفاع مستوى الفقر.

وكان من الممكن أن يؤدي دعم الجنيه المصري، مثل تحصيل رسوم العبور والخدمات بالجنيه المصري، إلى زيادة الطلب والقيمة مقابل الدولار دون الاعتماد على الدولار فقط. كما ساهم في هذه القضية الإهمال السياحي وإهمال موقع مصر وحضارتها. وتتمتع مصر بنسبة عالية من الإشعاع الشمسي على مدار العام، وهو ما كان يمكن أن يخفض فاتورة المشتقات البترولية الأجنبية بالدولار لو تم تحويل العديد من مشروعات الطاقة الكهربائية من المشتقات إلى الطاقة الشمسية أو الاعتماد على شراكات بترولية دولية جديدة. وما زال يتم استخدام أنظمة التمويل البنكية التقليدية وأسعار الفائدة المتزايدة، وهو ما يعتبر قرارا خاطئا في مصر.

ولا يزال المستشارون الاقتصاديون مهتمين بالاستثمارات العقارية المباشرة أو الاستثمارات طويلة الأجل التي تستهلك رؤوس أموال كبيرة وقروضا ضخمة، متناسين الرقمنة والذكاء الاصطناعي والتحول التكنولوجي الذي يمكن أن يخلق فرص عمل تقدر بنحو 55 ألف فرصة عمل سنويا للسوق المصري والخارج. وتشمل الأسباب الخارجية الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة للقبول بفكرة التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر، وهو ما دفع جماعة أنصار الله إلى مهاجمة السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية للضغط على إسرائيل وأمريكا لوقف إطلاق النار على غزة.

هل تستطيع عضوية “بريكس بلس” حل مشكلة إعسار مصر بالدولار الأمريكي؟

لقد كشفت الحرب المستمرة في غزة عن الأزمة المالية التي تعاني منها مصر، حيث يبلغ حجم الدين الخارجي الهائل الذي تعانيه مصر 49 مليار دولار. لقد أدت الحرب إلى إجهاد اقتصاد البلاد، وقد يكمن أمل مصر الوحيد في عضويتها المحتملة في مجموعة البريكس بلس. تقدم دول البريكس بلس، بما في ذلك مصر، المساعدة المالية لمصر من خلال بنك التنمية الجديد (NDB)، وهو بديل للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. ويمكن لمصر أيضًا الوصول إلى فرص تجارية واستثمارية جديدة، حيث تمتلك دول البريكس، وخاصة الصين، استثمارات كبيرة في قطاعات مثل البنية التحتية والطاقة. ويمكن أن توفر العضوية أيضًا دعمًا سياسيًا، حيث قد تواجه الولايات المتحدة، وهي واحدة من أكبر الجهات المانحة للمساعدات لمصر، ضغوطًا لخفض دعمها المالي بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان. ومع ذلك، فإن عضوية البريكس بلس وحدها قد لا تحل الأزمة المالية في مصر، لأنها تتطلب جهدًا حكوميًا كبيرًا لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية ومعالجة الفساد. ومن الممكن أن توفر العضوية في مجموعة البريكس بلس منصة للقوة الناعمة والدعم لدفع هذه الإصلاحات إلى الأمام.

إن وقف إطلاق النار العاجل في غزة سيوقف بشكل مباشر أي هجوم على السفن التي تعبر باب المندب وقناة السويس

وقد أثار الصراع الدائر في غزة قلقاً دولياً ودعوات إلى وقف عاجل لإطلاق النار. وتتعرض سلامة وأمن السفن المارة عبر باب المندب وقناة السويس للخطر بسبب الفوضى والعنف. وهدد الأمناء العامون لحزب الله وجماعة أنصار الله بأن الهجمات على السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية لن تتوقف إذا لم يتم التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار. لقد دعم الغرب ضمناً إسرائيل في مواصلة الإبادة الجماعية ضد شعب غزة الأعزل، بهدف القضاء على حماس والمقاومة الفلسطينية. إن إغلاق قناة السويس أو باب المندب بسبب هجوم محتمل سيكون له تأثير كارثي على التجارة البحرية، مما يتسبب في اضطرابات كبيرة في سلسلة التوريد العالمية. ولذلك فإن وقف إطلاق النار العاجل ضروري لوقف أي هجمات ضد السفن التي تعبر هذه الممرات المائية الحيوية. ويتعين على المجتمع الدولي أن يدين أي هجمات على غزة وأن يحث على التهدئة السريعة للصراع.

والشيء اللافت أنه حتى في الاجتماع الوزاري على مستوى وزيري الخارجية المصري والسعودي (شكري والفرحان) قد أصرحا بالتالي: “أن ما يحدث في غزة لا يمكن السكوت عليه، وأنه حرب إبادة ممنهجة، وأن استمرار هذه الحرب العبثية لن يؤدي إلا لـ تفاقم الأزمة وتهديد لأمن البحر الأحمر بما يؤثر على مستقبل البلدين اقتصاديا واستراتيجيا. وأنهما مع الوقف الفوري لإطلاق النار من قبل الكيان الصهيوني لكي تستتب كافة الأوضاع.”

البرلمان الأوروبي ومصر يحثان على وقف إطلاق النار في غزة من أجل ازدهار اقتصادي أفضل

لقد تسبب الصراع الدائر في غزة في معاناة ودمار هائلين، ولم يؤثر على سكان غزة فحسب، بل على العالم أجمع أيضا. وحث البرلمان الأوروبي ومصر على وقف فوري لإطلاق النار لتعزيز الرخاء والاستقرار الاقتصادي. وقد أدى الصراع إلى سقوط عدد لا يحصى من القتلى، وتدمير المنازل والبنية التحتية، وعواقب اقتصادية وخيمة على غزة والدول المجاورة لها. وأدى إغلاق الحدود والقيود المفروضة على الواردات والصادرات إلى إعاقة التجارة والنمو الاقتصادي، مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض مستوى المعيشة. كما أدى الوضع الحالي غير المستقر إلى منع العديد من المستثمرين والشركات من العمل في مصر، مما أدى إلى ركود النشاط الاقتصادي. ويتمتع الاتحاد الأوروبي، وهو شريك تجاري رئيسي لمصر، بثقل كبير في المجتمع الدولي، ويدعو جميع الأطراف المعنية إلى إعطاء الأولوية لرفاهية المدنيين وإنهاء العنف. كما يؤكد الطرفان على أهمية المساعدات الإنسانية وجهود إعادة الإعمار في غزة.

وفي الختام، فإن التوترات المستمرة بالقرب من باب المندب وضعت مصر تحت ضغوط اقتصادية شديدة، مما أثر على التجارة وواردات النفط والسياحة والاستقرار الاقتصادي العام. ويتعين على الحكومة معالجة هذه القضايا بشكل عاجل وإيجاد حل لصراعات المنطقة لتأمين مستقبلها الاقتصادي ورفاهية مواطنيها. تواجه قناة السويس تحديات في الحفاظ على مكانتها كمصدر رئيسي للعملة الصعبة، مع انخفاض الإيرادات من رسوم المرور وزيادة المنافسة من طرق الشحن الأخرى. وتشمل البدائل توسيع صناعة السياحة، والاستثمار في البنية التحتية، والسعي للحصول على المساعدات والقروض الأجنبية، وتنويع مصادر الإيرادات. يمكن أن تساعد العضوية في مجموعة البريكس بلس في حل مشكلة إعسار مصر بالدولار الأمريكي في أزمة حرب غزة، وتوفير المساعدة المالية، وفتح فرص تجارية واستثمارية جديدة، والدعم السياسي. وقد اتحد البرلمان الأوروبي ومصر في الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة لإنهاء العنف وتعزيز الرخاء الاقتصادي العالمي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى