مهند أبو عريف
في واحدة من أحدث الدراسات المتخصصة في النسيج الاجتماعي العُماني، أعدت الباحثة التُركية خديجة جنكيز، دراسة أكاديمية بعنوان “عُمان السُّلطان قابوس.. مثالا للتعايش بين المذاهب الإسلامية والعالم”.
استهلت الباحثة كتابها بمقوله للسلطان قابوس جاء فيها: “لقد أثبت التاريخ بما لا يدع مجالاً للشك أنَّ الأمم لا تتقدم ولا تتطور إلا بتجديد فكرها وتحديثه.، وهكذا الشأن في الأفراد، فالجمود داء وبيل قاتل، عاقبته وخيمة ونهايته أليمة، لذلك عقدنا العزم منذ اليوم الأول للنهضة المُباركة، ألا نقع في براثن هذا الداء، وبقدر ما حافظنا على أصالتنا وتُراثنا الفكري والحضاري عملنا على الأخذ بأسباب التطور والتقدم في الحياة العصرية”.
تتضمن الدراسة موضوعات متعددة، يناقش الفصل الأول “عُمان في الإسلام”، وفي زمن البعثة والخلافة وفي العصر الأموي والعباسي والنباهنة واليعاربة والبوسعيديين، وصولاً إلى العهد الحديث في الوقت الحالي، بينما حمل الفصل الثاني من الدراسة عنوان “السلطان قابوس وبناء الدولة الحديثة”، تناولت فيه الكاتبة التطورات التي شهدتها السلطنة مع تولي السلطان قابوس مقاليد الحكم وما مرَّت به البلاد من تطورات من وضع النظام الأساسي للدولة وهيكلة الدولة، وتأسيس مجلس عُمان إضافة إلى العلاقات الخارجية للسلطنة، والعلاقات العمانية الإيرانية، والعلاقات العمانية السعودية والعلاقات مع اليمن وتُركيا.
وخصصت الباحثة الفصل الثالث للحديث عن التعايش السلمي المذهبي، حيث تناولت في هذا الفصل مضامين نمط العيش المشترك بين المذاهب في عُمان، والإباضية ودورها في العيش المشترك. أما الفصل الرابع فقد ركز على المكون الديمجرافي والأدوار الأخرى، حيث تناول الموقع الجغرافي ودور التعليم، ودور المشاريع التي تنفذها الدولة، ومركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم، إلى جانب كراسي السلطان قابوس العلمية، وأسابيع التقارب والوئام الإنساني إضافة إلى أدوار ومسؤوليات وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ومعرض السلام ومجلة التفاهم. ولم يغفل الفصل دور ندوة “تطور العلوم الفقهية” ودور سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة، وجمعيات الصداقة العمانية الدولية في تعزيز التسامح وتحقيق التعايش. وتطرق الفصل الخامس إلى السياسات الداخلية، والتأكيد على المواطنة القومية، وسياسة التسامح، والسياسة الخارجية.
وقالت الباحثة التركية خديجة جنكيز أن السلطنة شهدت خلق بيئة من الثقة بين كل المجموعات المذهبية فيها، والتي تتكون من المذاهب السنية الشافعية والمالكية والحنفية والحنبلية وإلى جانب المذهب الإباضي، وقد أقامت الباحثة لمدة 6 أشهر في سلطنة عُمان من أجل التحقق من وجود التعايش في إطار توافقي بين المذاهب.
الجير بالذكر أن الباحثة التركية خديجة جنكيز تخرجت من كلية الشريعة بجامعة إسطنبول عام 2013، وبدأت مسيرة الدراسات العليا عام 2014 في قسم علوم الإسلام الأساسية، وقسم علوم تاريخ المذاهب، ثم تخرجت في عام 2017 بعدما قدمت أطروحة بحث عنوانها “مثال للتعايش بين المذاهب بسلطنة عُمان في عهد السلطان قابوس”، وذلك ضمن جهودها البحثية لمواصلة دراستها لدول الخليج عموماً، والسلطنة على وجه الخصوص.